ان ظاهرة الأمية واحدة من اقدم الظواهر الاجتماعية في المجتمع وأصبحت من الشهرة بحيث يتحدث عنها المسئولون والمثقفون والعامة في كل مناسبة ومنذ عقود ، كما أنها تعتبر من اكثر المشكلات تعقيدا في المجتمع والسبب المباشر فى وجود ظاهرة التخلف وتدني نتائج برامـج وخطط التنمية عموما ، ورغم ذلك يتم الحديث عنها وبكل أسف بعيدا عن أي معطيات تشكل أساسا علميا لمواجهتها وتكون مجرد أحاديث عامة لا تساعد على الوعي بحقيقة وحجم وتحديات هذه الظاهرة الاجتماعية . .
والمشكلة فى ظاهرة الأمية أنها تمثل حضانة وموطن للعديد من المشكلات والمعوقات الكثيرة التى تقف أمام تطور المجتمع وتعيق تحسين الأوضاع المعيشية للسكان فيه ، ويمتد اثرها في إحداث التخلف فى جبهات متعددة اذ تحدث التخلف الاجتماعي والتخلف الاقتصادي والتخلف السياسي والتخلف الثقافي والتخلف التربوي ، وقد ازداد أثرها فى المجتمع المعاصر خاصة فى ظل حركة التقدم والمعاصرة أصبحت قضية خطيرة فهى كثيرة الانتشار، واسعة التفشي بين الشعوب والسبب الرئيسى فى ضخامتها هو الخطأ في تحديد تصنيف لها وطريقة معالجتها ومنهجية مجابهتها ، حيث ظل تصنيفها حتى وقت قريب قاصرا على عدم المعرفة البسيطة بأمور القراءة والكتابة ، أما الآن وفي عصرنا الحاضر الذي غدت فيه التكنولوجيا من أبرز مكوناته ، ظهرت تصنيفات جديدة لهذه الظاهرة بالإضافة الى تصنيفها الأصلي نتناولها على النحو التالى :
أولا : الأمية الأبجدية : وهى أكثر هذه التصنيفات انتشاراً في المجتمع والتي اعتبرت الأمية ظاهرة تعليمية بحتة فاقتصرت على عدم معرفة القراءة والكتابة والإلمام بمبادئ الحساب الأساسية ويتصف الانسان بالأمية لأنه لا يلم الماما كاملا بمبادئ القراءة والكتابة والحساب وغير منتسبا إلي أي مدرسة آو مؤسسة تربوية وتعليمية00
ثانيا : الأميه التربوية : وهى من اخطر أنواع الأمية على الإطلاق وتعتبر فيها الأمية ظاهرة تعليمية أى علاقتها بالتعليم باعتبار أن التعليم هو الشرط الأساسي للقضاء على الأمية ، وتعنى كل شخص لا يستطيع ممارسة جميع الأنشطة التي تتطلب معرف القراءة والكتابة والحساب من أجل تنميته الشخصية وتنمية مجتمعه ، ورغم ارتباط ظاهرة الأمية بالتعليم الا انها ارقى من أمية الأبجدية وبينهما فوارق كثيرة تتمثل فى :
1- أمية القراءة والكتابة من حيث آثارها أخف بكثير جداً من أمية التربية ، أما أمية التربية فقد تخرج أجيالاً مشوهة نفسياً تعاني وتتعذب وتنحرف في كل مظاهر الحياة.
2- الأمية في القراءة والكتابة قد نجدها تتفشى في طائفة معينة من الناس، ولكن الأمية التربوية لا ترحم فإنها قد تتفشى فى كافة فئات المجتمع وشرائحة ومستوياته من أعلى المستويات بل على مستوى الوزراء وغيرهم من علية القوم وهذه الظاهرة نلمسها في مناهج التعليم أو وسائل الإعلام ، كل هذه تعكس وتشير إلى مدى الأمية التربوية00
3- الأمية بالقراءة والكتابة قد تكون ظاهرة ، أما الأمية التربوية فهى تختفى ثم تظهر لنا فيما بعد آثارها الخطيرة على الأبناء والأولاد ، أي يمكن أن يكون الرجل خبيراً وقائداً في التربية وهو رجل فقير لا يقرأ ولا يكتب ، ومع ذلك تجد سلوكه مع أولاده سلوكاً راقياً مهذباً مستنيراً يخرج الأولاد الأصحاء ، وقد يكون رجلاً على النقيض من ذلك ، ومع ذلك يكون غارقاً في الأمية التربوية00
ثالثا : الأمية الوظيفية : وتعنى كل شخص يجهل طبيعة وظيفته ومهامها ، أو أى شخص وضع في وظيفة يجد نفسه فيها غير قادر على فهم المهام المطلوبة منه وغير قادر على الإبداع وتطوير العمل في نطاق مسئوليته بالإضافة إلى جهله بالاختصاصات احترامها وعدم تعديها ، لأن طبيعة العصر ومفاهيمه تحتم علينا أن نعتبر كل جاهل بطبيعة ومهام الوظيفية التي يشغلها أمياً ، وتتسم هذه الأمية بالآتى :
1- عدم قدرة الفرد على التأثر والتأثير الفاعل في المحيط الذي يعيش فيه وعدم القدرة على الاستفادة والإفادة مما تعلم وهذا يعود لأسباب ذاتية وتتعلق بالفرد ذاته والبيئة التي يعيش فيها وأسباب تعود للنمط التعليمي التلقيني الذي فرض عليه فمناهجنا التعليمية جامدة بعض الشيء ولا تتماشى مع نظم العالم المتحضر التقني في زمن العولمة المفتوح وهذا ما يجعل المتعلم أشبه 00
2- يكون المتعلم بعيداَ كل البعد عن الحياة العملية وإذا أراد أن ينزل إلى الواقع العملي فيجد نفسه بحاجة إلى دورات لإعادة التأهيل لأن ما تعلمه بعيد كل البعد عن الواقع وهذا يؤدى الى انتشار ظاهرة البطالة المقنعة خاصة بين الشباب الذى يجد ان هناك فرق شاسع وكبير بين شهادته والحقل الذي يعمل به بعد تخرجه من الجامعة مما يؤثر سلباً وبشكل كبير على الأهداف المرجوة من العملية التعليمية برمتها 00
رابعا : الأمية القانونية : و تعنى كل متعلم ومثقف يجهل قانون المهنة التي يشتغل بها أو يجهل ماله من حقوق، وما عليه من واجبات وظيفية وغير وظيفية نعتبره أمياً قانونياً ، ، فكل من ن يجهل القانون المتعلق بماله من حقوق وعليه من واجبات.. خاصة إذا ماكان في عداد المتعلمين أوالمثقفين يعتبر اميا 00
خامسا : الأمية السياسية : وتعني جهل الفرد بالمعلومات السياسية وعدم اهتمامه بالوضع السياسي العام ، والأمي في السياسة هو ايضا الشخص الذي لا يقرأ صفحات الواقع السياسي والاجتماعي كي يستفيد منه ، واذا قرأ لا يستطيع أن يكتب في الواقع شيئاً ، أو أن يسجل موقفا تستفيد منه الناس في حاضرهم ومستقبلهم ، فتتحمل نتائج أميته الأجيال بالتخلف والانحسار والفساد الاجتماعي والخلقي وغيرها من التداعيات لأن خطأ السياسي يكلف الأمة وأجيالها ومستقبلها 00
وللأمية السياسية تأثيرا خطيرا تمس نواحي حياتنا الحاضرة المستقبلية وشكلت للمواطنين ثقافات سياسية متنوعة ، حيث يمكنها ان تفرز نوعان من الثقافات السياسية هما :
1. الثقافة السياسية الساذجة والتى لها تأثيرات كثيرة منها نفسية من حيث الإحباط ، وزعزعة الثقة بالوطن ، واضعاف الانتماء الوطني ، او تحقيق سذاجة الانتماء والولاء الغير قادر على الصمود امام أي هزة تتعرض لمفاهيمه بالنقد والتشكيك 00
2. الثقافة السياسية المتطرفة والتى تؤدي الى العنف كأحد أبرز نتائجها ، فهي امية حاقدة ، تخلق اعداء وهميين ، وتنفخ في بوق خطرهم المزعوم ، وفي بوق ضعفنا عن مواجهتهم ، وفي بوق تواطؤ الانظمة الحاكمة معهم ، وتقنع السذج بان لا سبيل للخلاص من هولاء الأعداء الوهميين ، الا بالعنف ، فتساهم هذه الأمية في زعزعة استقرار الوطن ، وفي تدهور الاقتصاد الوطني ، وتفتيت الوحدة الوطنية كما انها بغبائها وجهلها تقدم اكبر خدمة لأعداء الوطن المتربصين به .
وعموما ان الأمية السياسية ما هى الا مكون من مكونات الحياة غير الديمقراطية والسليمة , وإنها المعضلة والآفة الكبرى التي تقف حجر عثرة أمام كل مشروع يهدف إلى تحقيق تنـْمية حقيقية وعلى ذلك :
1. نحن بحاجة لمحو أمية المسئول الذي يجعل من وظيفته مصيدة لكل أشكال المنافع وألوانها ولا يُسمي المـُسميات باسمها، فالرشوة عنده هدية والعمولة بقشيش والعطايا والهدايا المطلوبة بالواضح والمرموز أتعاب00
2. نحن بحاجة إلى محو أمية مرشحي المجالس المحلية والبرلمانية والذين لا يعرفون شيئاً عن ثقافة الخدمة والمصلحة العامة اللهم طلب الوجاهة والمال والسلطة واستغلال النفوذ00
3. نحن بحاجة إلى محو أمية السياسي الذي لا يريد أن يعرف أنه يوماً سيرحل عن كرسي المسئولية حياً… أو بطلب إلهي..
4. نحن بحاجة إلى محو أمية كل من لا يفقه سوى في المصالح الشخصية والمتاجرة بالقضايا المصيرية بعيدا كل البعد عن العمل الوطني والسياسي.
5. نحن بحاجة إلى محو أمية كل صحفي متحزب لا يعرف من قدسية الكلمة وحقها شيئاً وقد باع قلمه لزيادة الصراعات الحزبية والدينية بدعوى انه حامي الوطنية وحامي كل القيم السياسية وغير مـٌقدر أن قلمه يتخبّط في أمية سحيقة وهدامة 00
6. نحن بحاجة لمحو أمية الوزير الذي لا يعرف أن مكتبه ليس مَضْيَفه تبرم فيها صفقات عمومية مشبوهة وتأجيل كل عاجل ومهم إلى الغد او وسيلة لتوظيف أقاربه او اقارب ابناء الحزب الذى ينتمى اليه 00
7. نحن بحاجة إلى محو أمية كل زعيم سياسي يسعى جاهدا إلى خلق ثقافة أبوية داخل حزبه معززاً عودة ثقافة توريث كل شئ مجدداً ، و تشكيل أجسام ضاغطة لتولي أبناءهم وذويهم مناصب رفيعة 00
سادسا : الأمية الثقافية : وتعنى هو جهل الفرد وعدم وعيه بما يدور حوله وعدم قدرته على التجاوب مع المتغيرات الثقافية والحضارية والمعرفية والتقنية في عصره هى مشكلة رئيسة تحول بين غالبية المجتمع وبين حقيقة الثقافة الغائبة التي تعبر عن آماله ، رغم اتساع نطاق التعليم والمعرفة الغزيرة والواسعة ،كما انها مشكلة اجتماعية عويصة تزداد يوم بعد يوم ، بل بقيت مشكلة الأمية شاهداً تاريخياً على عجز الوسائل التقليدية للتعليم أو المعرفة في مواجهتها في الوقت الذي تم فيه القضاء على الأمية نفسها ، ومن اسباب ظاهرة الأميه الثقافية :
1. عدم المتابعة والاهتمام لتطوير الاختصاص والشعور بالحصول على الشهادة هو بمثابة نهاية المطاف في حياة الباحث العلمي وفي هذه الحالة لا يستطيع الباحث أن يطور قابلياته وإمكانياته العلمية بحقل اختصاصه إلا بالانفتاح على الآخرين من خلال نشر البحوث العلمية والمشاركة بالمؤتمرات والندوات العلمية 00
2. الطالب غير جيد للثقافة ولم تستهويه الكتب الثقافية بصورة عامة ، والبعض منهم يحصل على شهادة البكالوريوس بدرجة (أمي) وتعني عدم حصوله على المعرفة الكافية والوافية وإذا ما دخل الجانب التطبيقي تكون معلوماته قاصرة وهذه هي الكارثة في يومنا هذا 00
3. الإكتفاء بالوصول الى مستوى تعليمى معين وينتهى بالحصول على الشهادة رغم أنه ليس بالضرورة أن يكون صاحب الشهادة مثقفاً 00
وليس من شك إن أمية المثقف أو ما يسمى بالمثقف هي عقبة أساسية في عرقلة مسيرة العلم ، وذك لأن ضعف ثقافة الفرد ذات أثر سلبياً على الواقع الاجتماعي عموماً ، فإذا كان هذا الفرد معلماً أو مدرساً أو أستاذاً جامعياً انتقل هذا الضعف إلى تلاميذه ، ولذلك وجب على هذا الفرد أن يحصن نفسه بسلاح الثقافة لكي نضمن للأمة جيلاً جديداً قادراً على حمل أعباء الرسالة السامية والرقي بمجتمعه إلى مصاف المجتمعات المتقدمة.
سابعا : الأميـة النقدية : وتعنى عدم القدرة على التعامل النقدي مع النص – أي نص - سواء المكتوب أو المرئي أو المسموع وإدراك غايته التي يرمى إليها ومن ثم التمييز بين الصحيح والخاطئ ، البريء والخبيث ، الصادق والكاذب ، وهى منتشرة بين أوساط المتعلمين وحملة المؤهلات والذين يمتلكون نظريا القدرة على الاطلاع والقراءة والوصول إلى مصادر المعرفة00
ويرجع ذلك إلى أن مناهج التعليم تصاغ الآن بما لا يدع مجالا للفهم وتذكية ملكات التحليل والربط واستخلاص العبر والمقاصد والغايات وهو ما يتكفل بتنمية الرؤية النقدية لدى المتعلمين ، كما انها تساهم فى تنمية ملكات الحفظ والاستظهار وسيادة منطق الكتاب الواحد والمرجع الواحد والرأي الواحد مما أدى إلى تحويل عقول طلبة العلم إلى أجهزة تسجيل لا تعي ما تحفظ ولا تدرك ما تنطق ، وخلق حالة من الخصام والشقاق بين المتعلمين والكتاب غير الدراسي مما أدى إلى تراجع حاد في حصيلة معظم المتعلمين من الثقافة العامة والإلمام بالمعارف الأدبية والسياسية والتطبيقية والتاريخية ، وكانت النتيجة تخريج أجيال مغيبة نقديا ، أوعية فارغة سهل أن تمتلئ بأي فكر وتقتنع بأي مقولة لمجرد وجودها في صحيفة أو سماعها في نشرة أخبار أو قراءتها في كتاب مطبوع بغض النظر عن مدى صحة المقولة وصواب الفكر ، ومن آثارها الأشد خطورة ظهور الفتنة الفكرية حيث اظهرت تيار ثقافى تولى تفسير النصوص الدينية والتزم بها بنوع من التزمت ومحاولة فرضه حتى ولو بالقوة ، فى المقابل تيار ثقافى اهتم بالثقافات الوافدة ومحاولة فرضها على واقع المجتمع وانتهى الأمر الى الصدام بين التيارين وصل لدرجة المواجهة المسلحة فى كثير من المحاولات الإرهابية التى حدثت فى المناطق الاقتصادية المهمة فى المجتمع وعانى منها الإقتصاد القومى طويلا 00
أن الأمر فى منتهى الخطورة لانتشار الأمية النقدية والتسويف أو التراخي في الحل لهذه الظاهرة سيجعلنا بعد سنوات قليلة أمام أجيال من مخرجات العملية التعليمية عقولهم خراب لا تمييز لا فكر لا تجديد يعنى الضياع الكامل لهذا الجيل ولتلك الأمة 00
ثامنا : الأمية الحضارية : وتعني عدم مقدرة الأشخاص المتعلمين على مواكبة معطيات العصر العلمية والفكرية والثقافية والفلسفية الإيديولوجية والتفاعل معها بعقلية ديناميكية قادرة على فهم المتغيرات الجديدة وتوظيفها بشكل ابداعي فعال يحقق الانسجام والتلاؤم مابين ذواتهم والعصر الذي يعيشون فيه مؤمنين في ذات الوقت بمجموعة من العادات والتقاليد والمعتقدات الفكرية والممارسات السلوكية والمبادئ والمثل الجامدة التي تتعارض وطبيعة الحياة المتجددة على الدوام والتوافق ومواجهتها بأسلوب المواجهة الشاملة الذي يهدف إلى تحرير الإنسان أياً كان موقعه من أميته أبجدياً وحضارياً للوصول به إلى مستوى تعليمي ثقافي يمكنه من :
1. تملك المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب لمتابعة الدراسة والتدريب .
2. الإسهام في تنمية مجتمعه وتجديد بنيانه لتوفير المناخ الحضاري والاجتماعي الذي يحفز الفرد على الاستمرارية في التعليم
وتنقسم الأمية الحضارية من حيث المبدأ إلي عدد غير قليل من الأقسام والفروع الرئيسية فتندرج تحت لوائها – الأمية الثقافية – الأمية العلمية – الأمية الفنية – الأمية الجمالية – الأمية الصحية – الأمية العقائدية00
تاسعا : الأميه التكنولوجية : وتعنى غياب المعارف والمهارات الأساسية للتعامل مع الآلات والأجهزة والمخترعات الحديثة وفي مقدمتها الكمبيوتر وهذه هى كل متغيرات ومتطلبات الحياة العصرية وعصر الثورة العلمية والتكنولوجية التي تفرض على الفرد تحديات معرفية جديدة يتعين عليه التفاعل معها وتحصيل معارف ومهارات ترقى به إلى مستوى التعامل مع طبيعة ومكونات الحياة العصرية في جانبيها المعرفي والتكنولوجي ، اى الجهل بطبيعة الثورة التكنولوجية وما رافقها من تطور متسارع للأنظمة, التقنية وعدم القدرة على مواكبتها ، وأصبحت مشكلة يعاني منها شبابنا المتميزين والحاصلين على مؤهلات علمية عالية ، باختصار الأمية التكنولوجية تعنى عدم قدرة المتعلم على استعمال وسائط التقنية الحديثة في عصر المعلومات ، وعدم اتخاذ إجراءات تضييق الفجوة الواسعة بين المتعلم وعصر التقنية سترمي به خارج العصر وتجعل فرص حصوله على عمل محدودة جداً وخاصة إن كان لا يتقن أى من اللغات الأجنبية 00
ولكى يتم تضييق هذه الفجوة ولمواجهة ظاهرة الأمية التكنولوجية ، علينا أن نبدأ من المدارس والسبل المطلوبة للارتقاء بمنهجية علمية وثقافية ووفق النقاط التي أجدها ملائمة لواقعنا ومنها:
1. تعميم تدريس العلوم لجميع فئات التلاميذ وبتوافق مع أهداف ومتطلبات التنمية لبناء المجتمع الجديد لكل المراحل والذين سيدرّسون مستقبلا مواد العلوم والهندسة بجميع تخصصاتها في المعاهد الفنية والكليات وإعدادهم للاستفادة منهم 00
2. يتم الاهتمام بتدريس العلوم وفق منهج علمي قائم على التعامل اللصيق مع الأجهزة من حيث تفكيكها واعادة تركيبها واجراء التجارب والتفاعل مع خطوات العمل وتقصي الحقائق بدلا من القراءة بكتب المقررات المنهجية الحاوية على المادة وعدة صور وعمل ملصقات يضطر الطالب لحفظها من اجل الامتحانات00
3. الاستفادة القصوى من وسائل الإعلام لنشر مبادئ العلوم وتقديمها بصورة مبسطة واسلوب علمي مشوق ومنهجي تطبيقي يلائم أذواق وعقول اكبر شريحة من الطلاب مع التنسيق بنقل المحاضرات والملتقيات والندوات العلمية وفتح باب النقاش مع عرض لابتكارات المبدعين ونماذجهم واقامة مسابقات في برامج تلفزيونية وإذاعية لتشجيع التفكير والتمحيص واستخراج المعلومات فيما بين الطلاب 00
4. إلحاق مجاميع من الطلبة ضمن المدارس في جماعات علمية وثقافية لتعميق أنشطتهم ومنتجاتهم اليدوية مثل النجارة والحياكة والفنون والنباتات والتحنيط وعمل الخرائط والأجهزة والمجسمات العلمية والتركيز على استعمال الحاسب وتخصيص فترات زمنية أسبوعية ضمن الدراسة.
وأخيرا
أن القضاء على ظاهرة الأمية شرط أساسي لتطور المجتمع نحو المستقبل الذى يمثل العنصر البشرى فيه الركيزة الأساسية لصنع هذا المستقبل ولمواجهة المجتمع الإنساني المعاصر المتسم بالتغير السريع والمذهل فى كافة المجالات والتى تعتمد فى الأساس على القوى البشرية والتى لن تتمكن من إحداث التغيير المستهدف إلا إذا ما تغيرت قدراتها ، ولذلك وجب إعادة تعليم وتحرير الإنسان من الأمية ورفع مستوى الوعي والمعرفة لديه 00
صلاح مصطفى على بيومى
مدير ادارة تنسيق وظائف التعليم الفنى
مديرية التربية والتعليم بشمال سيناء
والمشكلة فى ظاهرة الأمية أنها تمثل حضانة وموطن للعديد من المشكلات والمعوقات الكثيرة التى تقف أمام تطور المجتمع وتعيق تحسين الأوضاع المعيشية للسكان فيه ، ويمتد اثرها في إحداث التخلف فى جبهات متعددة اذ تحدث التخلف الاجتماعي والتخلف الاقتصادي والتخلف السياسي والتخلف الثقافي والتخلف التربوي ، وقد ازداد أثرها فى المجتمع المعاصر خاصة فى ظل حركة التقدم والمعاصرة أصبحت قضية خطيرة فهى كثيرة الانتشار، واسعة التفشي بين الشعوب والسبب الرئيسى فى ضخامتها هو الخطأ في تحديد تصنيف لها وطريقة معالجتها ومنهجية مجابهتها ، حيث ظل تصنيفها حتى وقت قريب قاصرا على عدم المعرفة البسيطة بأمور القراءة والكتابة ، أما الآن وفي عصرنا الحاضر الذي غدت فيه التكنولوجيا من أبرز مكوناته ، ظهرت تصنيفات جديدة لهذه الظاهرة بالإضافة الى تصنيفها الأصلي نتناولها على النحو التالى :
أولا : الأمية الأبجدية : وهى أكثر هذه التصنيفات انتشاراً في المجتمع والتي اعتبرت الأمية ظاهرة تعليمية بحتة فاقتصرت على عدم معرفة القراءة والكتابة والإلمام بمبادئ الحساب الأساسية ويتصف الانسان بالأمية لأنه لا يلم الماما كاملا بمبادئ القراءة والكتابة والحساب وغير منتسبا إلي أي مدرسة آو مؤسسة تربوية وتعليمية00
ثانيا : الأميه التربوية : وهى من اخطر أنواع الأمية على الإطلاق وتعتبر فيها الأمية ظاهرة تعليمية أى علاقتها بالتعليم باعتبار أن التعليم هو الشرط الأساسي للقضاء على الأمية ، وتعنى كل شخص لا يستطيع ممارسة جميع الأنشطة التي تتطلب معرف القراءة والكتابة والحساب من أجل تنميته الشخصية وتنمية مجتمعه ، ورغم ارتباط ظاهرة الأمية بالتعليم الا انها ارقى من أمية الأبجدية وبينهما فوارق كثيرة تتمثل فى :
1- أمية القراءة والكتابة من حيث آثارها أخف بكثير جداً من أمية التربية ، أما أمية التربية فقد تخرج أجيالاً مشوهة نفسياً تعاني وتتعذب وتنحرف في كل مظاهر الحياة.
2- الأمية في القراءة والكتابة قد نجدها تتفشى في طائفة معينة من الناس، ولكن الأمية التربوية لا ترحم فإنها قد تتفشى فى كافة فئات المجتمع وشرائحة ومستوياته من أعلى المستويات بل على مستوى الوزراء وغيرهم من علية القوم وهذه الظاهرة نلمسها في مناهج التعليم أو وسائل الإعلام ، كل هذه تعكس وتشير إلى مدى الأمية التربوية00
3- الأمية بالقراءة والكتابة قد تكون ظاهرة ، أما الأمية التربوية فهى تختفى ثم تظهر لنا فيما بعد آثارها الخطيرة على الأبناء والأولاد ، أي يمكن أن يكون الرجل خبيراً وقائداً في التربية وهو رجل فقير لا يقرأ ولا يكتب ، ومع ذلك تجد سلوكه مع أولاده سلوكاً راقياً مهذباً مستنيراً يخرج الأولاد الأصحاء ، وقد يكون رجلاً على النقيض من ذلك ، ومع ذلك يكون غارقاً في الأمية التربوية00
ثالثا : الأمية الوظيفية : وتعنى كل شخص يجهل طبيعة وظيفته ومهامها ، أو أى شخص وضع في وظيفة يجد نفسه فيها غير قادر على فهم المهام المطلوبة منه وغير قادر على الإبداع وتطوير العمل في نطاق مسئوليته بالإضافة إلى جهله بالاختصاصات احترامها وعدم تعديها ، لأن طبيعة العصر ومفاهيمه تحتم علينا أن نعتبر كل جاهل بطبيعة ومهام الوظيفية التي يشغلها أمياً ، وتتسم هذه الأمية بالآتى :
1- عدم قدرة الفرد على التأثر والتأثير الفاعل في المحيط الذي يعيش فيه وعدم القدرة على الاستفادة والإفادة مما تعلم وهذا يعود لأسباب ذاتية وتتعلق بالفرد ذاته والبيئة التي يعيش فيها وأسباب تعود للنمط التعليمي التلقيني الذي فرض عليه فمناهجنا التعليمية جامدة بعض الشيء ولا تتماشى مع نظم العالم المتحضر التقني في زمن العولمة المفتوح وهذا ما يجعل المتعلم أشبه 00
2- يكون المتعلم بعيداَ كل البعد عن الحياة العملية وإذا أراد أن ينزل إلى الواقع العملي فيجد نفسه بحاجة إلى دورات لإعادة التأهيل لأن ما تعلمه بعيد كل البعد عن الواقع وهذا يؤدى الى انتشار ظاهرة البطالة المقنعة خاصة بين الشباب الذى يجد ان هناك فرق شاسع وكبير بين شهادته والحقل الذي يعمل به بعد تخرجه من الجامعة مما يؤثر سلباً وبشكل كبير على الأهداف المرجوة من العملية التعليمية برمتها 00
رابعا : الأمية القانونية : و تعنى كل متعلم ومثقف يجهل قانون المهنة التي يشتغل بها أو يجهل ماله من حقوق، وما عليه من واجبات وظيفية وغير وظيفية نعتبره أمياً قانونياً ، ، فكل من ن يجهل القانون المتعلق بماله من حقوق وعليه من واجبات.. خاصة إذا ماكان في عداد المتعلمين أوالمثقفين يعتبر اميا 00
خامسا : الأمية السياسية : وتعني جهل الفرد بالمعلومات السياسية وعدم اهتمامه بالوضع السياسي العام ، والأمي في السياسة هو ايضا الشخص الذي لا يقرأ صفحات الواقع السياسي والاجتماعي كي يستفيد منه ، واذا قرأ لا يستطيع أن يكتب في الواقع شيئاً ، أو أن يسجل موقفا تستفيد منه الناس في حاضرهم ومستقبلهم ، فتتحمل نتائج أميته الأجيال بالتخلف والانحسار والفساد الاجتماعي والخلقي وغيرها من التداعيات لأن خطأ السياسي يكلف الأمة وأجيالها ومستقبلها 00
وللأمية السياسية تأثيرا خطيرا تمس نواحي حياتنا الحاضرة المستقبلية وشكلت للمواطنين ثقافات سياسية متنوعة ، حيث يمكنها ان تفرز نوعان من الثقافات السياسية هما :
1. الثقافة السياسية الساذجة والتى لها تأثيرات كثيرة منها نفسية من حيث الإحباط ، وزعزعة الثقة بالوطن ، واضعاف الانتماء الوطني ، او تحقيق سذاجة الانتماء والولاء الغير قادر على الصمود امام أي هزة تتعرض لمفاهيمه بالنقد والتشكيك 00
2. الثقافة السياسية المتطرفة والتى تؤدي الى العنف كأحد أبرز نتائجها ، فهي امية حاقدة ، تخلق اعداء وهميين ، وتنفخ في بوق خطرهم المزعوم ، وفي بوق ضعفنا عن مواجهتهم ، وفي بوق تواطؤ الانظمة الحاكمة معهم ، وتقنع السذج بان لا سبيل للخلاص من هولاء الأعداء الوهميين ، الا بالعنف ، فتساهم هذه الأمية في زعزعة استقرار الوطن ، وفي تدهور الاقتصاد الوطني ، وتفتيت الوحدة الوطنية كما انها بغبائها وجهلها تقدم اكبر خدمة لأعداء الوطن المتربصين به .
وعموما ان الأمية السياسية ما هى الا مكون من مكونات الحياة غير الديمقراطية والسليمة , وإنها المعضلة والآفة الكبرى التي تقف حجر عثرة أمام كل مشروع يهدف إلى تحقيق تنـْمية حقيقية وعلى ذلك :
1. نحن بحاجة لمحو أمية المسئول الذي يجعل من وظيفته مصيدة لكل أشكال المنافع وألوانها ولا يُسمي المـُسميات باسمها، فالرشوة عنده هدية والعمولة بقشيش والعطايا والهدايا المطلوبة بالواضح والمرموز أتعاب00
2. نحن بحاجة إلى محو أمية مرشحي المجالس المحلية والبرلمانية والذين لا يعرفون شيئاً عن ثقافة الخدمة والمصلحة العامة اللهم طلب الوجاهة والمال والسلطة واستغلال النفوذ00
3. نحن بحاجة إلى محو أمية السياسي الذي لا يريد أن يعرف أنه يوماً سيرحل عن كرسي المسئولية حياً… أو بطلب إلهي..
4. نحن بحاجة إلى محو أمية كل من لا يفقه سوى في المصالح الشخصية والمتاجرة بالقضايا المصيرية بعيدا كل البعد عن العمل الوطني والسياسي.
5. نحن بحاجة إلى محو أمية كل صحفي متحزب لا يعرف من قدسية الكلمة وحقها شيئاً وقد باع قلمه لزيادة الصراعات الحزبية والدينية بدعوى انه حامي الوطنية وحامي كل القيم السياسية وغير مـٌقدر أن قلمه يتخبّط في أمية سحيقة وهدامة 00
6. نحن بحاجة لمحو أمية الوزير الذي لا يعرف أن مكتبه ليس مَضْيَفه تبرم فيها صفقات عمومية مشبوهة وتأجيل كل عاجل ومهم إلى الغد او وسيلة لتوظيف أقاربه او اقارب ابناء الحزب الذى ينتمى اليه 00
7. نحن بحاجة إلى محو أمية كل زعيم سياسي يسعى جاهدا إلى خلق ثقافة أبوية داخل حزبه معززاً عودة ثقافة توريث كل شئ مجدداً ، و تشكيل أجسام ضاغطة لتولي أبناءهم وذويهم مناصب رفيعة 00
سادسا : الأمية الثقافية : وتعنى هو جهل الفرد وعدم وعيه بما يدور حوله وعدم قدرته على التجاوب مع المتغيرات الثقافية والحضارية والمعرفية والتقنية في عصره هى مشكلة رئيسة تحول بين غالبية المجتمع وبين حقيقة الثقافة الغائبة التي تعبر عن آماله ، رغم اتساع نطاق التعليم والمعرفة الغزيرة والواسعة ،كما انها مشكلة اجتماعية عويصة تزداد يوم بعد يوم ، بل بقيت مشكلة الأمية شاهداً تاريخياً على عجز الوسائل التقليدية للتعليم أو المعرفة في مواجهتها في الوقت الذي تم فيه القضاء على الأمية نفسها ، ومن اسباب ظاهرة الأميه الثقافية :
1. عدم المتابعة والاهتمام لتطوير الاختصاص والشعور بالحصول على الشهادة هو بمثابة نهاية المطاف في حياة الباحث العلمي وفي هذه الحالة لا يستطيع الباحث أن يطور قابلياته وإمكانياته العلمية بحقل اختصاصه إلا بالانفتاح على الآخرين من خلال نشر البحوث العلمية والمشاركة بالمؤتمرات والندوات العلمية 00
2. الطالب غير جيد للثقافة ولم تستهويه الكتب الثقافية بصورة عامة ، والبعض منهم يحصل على شهادة البكالوريوس بدرجة (أمي) وتعني عدم حصوله على المعرفة الكافية والوافية وإذا ما دخل الجانب التطبيقي تكون معلوماته قاصرة وهذه هي الكارثة في يومنا هذا 00
3. الإكتفاء بالوصول الى مستوى تعليمى معين وينتهى بالحصول على الشهادة رغم أنه ليس بالضرورة أن يكون صاحب الشهادة مثقفاً 00
وليس من شك إن أمية المثقف أو ما يسمى بالمثقف هي عقبة أساسية في عرقلة مسيرة العلم ، وذك لأن ضعف ثقافة الفرد ذات أثر سلبياً على الواقع الاجتماعي عموماً ، فإذا كان هذا الفرد معلماً أو مدرساً أو أستاذاً جامعياً انتقل هذا الضعف إلى تلاميذه ، ولذلك وجب على هذا الفرد أن يحصن نفسه بسلاح الثقافة لكي نضمن للأمة جيلاً جديداً قادراً على حمل أعباء الرسالة السامية والرقي بمجتمعه إلى مصاف المجتمعات المتقدمة.
سابعا : الأميـة النقدية : وتعنى عدم القدرة على التعامل النقدي مع النص – أي نص - سواء المكتوب أو المرئي أو المسموع وإدراك غايته التي يرمى إليها ومن ثم التمييز بين الصحيح والخاطئ ، البريء والخبيث ، الصادق والكاذب ، وهى منتشرة بين أوساط المتعلمين وحملة المؤهلات والذين يمتلكون نظريا القدرة على الاطلاع والقراءة والوصول إلى مصادر المعرفة00
ويرجع ذلك إلى أن مناهج التعليم تصاغ الآن بما لا يدع مجالا للفهم وتذكية ملكات التحليل والربط واستخلاص العبر والمقاصد والغايات وهو ما يتكفل بتنمية الرؤية النقدية لدى المتعلمين ، كما انها تساهم فى تنمية ملكات الحفظ والاستظهار وسيادة منطق الكتاب الواحد والمرجع الواحد والرأي الواحد مما أدى إلى تحويل عقول طلبة العلم إلى أجهزة تسجيل لا تعي ما تحفظ ولا تدرك ما تنطق ، وخلق حالة من الخصام والشقاق بين المتعلمين والكتاب غير الدراسي مما أدى إلى تراجع حاد في حصيلة معظم المتعلمين من الثقافة العامة والإلمام بالمعارف الأدبية والسياسية والتطبيقية والتاريخية ، وكانت النتيجة تخريج أجيال مغيبة نقديا ، أوعية فارغة سهل أن تمتلئ بأي فكر وتقتنع بأي مقولة لمجرد وجودها في صحيفة أو سماعها في نشرة أخبار أو قراءتها في كتاب مطبوع بغض النظر عن مدى صحة المقولة وصواب الفكر ، ومن آثارها الأشد خطورة ظهور الفتنة الفكرية حيث اظهرت تيار ثقافى تولى تفسير النصوص الدينية والتزم بها بنوع من التزمت ومحاولة فرضه حتى ولو بالقوة ، فى المقابل تيار ثقافى اهتم بالثقافات الوافدة ومحاولة فرضها على واقع المجتمع وانتهى الأمر الى الصدام بين التيارين وصل لدرجة المواجهة المسلحة فى كثير من المحاولات الإرهابية التى حدثت فى المناطق الاقتصادية المهمة فى المجتمع وعانى منها الإقتصاد القومى طويلا 00
أن الأمر فى منتهى الخطورة لانتشار الأمية النقدية والتسويف أو التراخي في الحل لهذه الظاهرة سيجعلنا بعد سنوات قليلة أمام أجيال من مخرجات العملية التعليمية عقولهم خراب لا تمييز لا فكر لا تجديد يعنى الضياع الكامل لهذا الجيل ولتلك الأمة 00
ثامنا : الأمية الحضارية : وتعني عدم مقدرة الأشخاص المتعلمين على مواكبة معطيات العصر العلمية والفكرية والثقافية والفلسفية الإيديولوجية والتفاعل معها بعقلية ديناميكية قادرة على فهم المتغيرات الجديدة وتوظيفها بشكل ابداعي فعال يحقق الانسجام والتلاؤم مابين ذواتهم والعصر الذي يعيشون فيه مؤمنين في ذات الوقت بمجموعة من العادات والتقاليد والمعتقدات الفكرية والممارسات السلوكية والمبادئ والمثل الجامدة التي تتعارض وطبيعة الحياة المتجددة على الدوام والتوافق ومواجهتها بأسلوب المواجهة الشاملة الذي يهدف إلى تحرير الإنسان أياً كان موقعه من أميته أبجدياً وحضارياً للوصول به إلى مستوى تعليمي ثقافي يمكنه من :
1. تملك المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب لمتابعة الدراسة والتدريب .
2. الإسهام في تنمية مجتمعه وتجديد بنيانه لتوفير المناخ الحضاري والاجتماعي الذي يحفز الفرد على الاستمرارية في التعليم
وتنقسم الأمية الحضارية من حيث المبدأ إلي عدد غير قليل من الأقسام والفروع الرئيسية فتندرج تحت لوائها – الأمية الثقافية – الأمية العلمية – الأمية الفنية – الأمية الجمالية – الأمية الصحية – الأمية العقائدية00
تاسعا : الأميه التكنولوجية : وتعنى غياب المعارف والمهارات الأساسية للتعامل مع الآلات والأجهزة والمخترعات الحديثة وفي مقدمتها الكمبيوتر وهذه هى كل متغيرات ومتطلبات الحياة العصرية وعصر الثورة العلمية والتكنولوجية التي تفرض على الفرد تحديات معرفية جديدة يتعين عليه التفاعل معها وتحصيل معارف ومهارات ترقى به إلى مستوى التعامل مع طبيعة ومكونات الحياة العصرية في جانبيها المعرفي والتكنولوجي ، اى الجهل بطبيعة الثورة التكنولوجية وما رافقها من تطور متسارع للأنظمة, التقنية وعدم القدرة على مواكبتها ، وأصبحت مشكلة يعاني منها شبابنا المتميزين والحاصلين على مؤهلات علمية عالية ، باختصار الأمية التكنولوجية تعنى عدم قدرة المتعلم على استعمال وسائط التقنية الحديثة في عصر المعلومات ، وعدم اتخاذ إجراءات تضييق الفجوة الواسعة بين المتعلم وعصر التقنية سترمي به خارج العصر وتجعل فرص حصوله على عمل محدودة جداً وخاصة إن كان لا يتقن أى من اللغات الأجنبية 00
ولكى يتم تضييق هذه الفجوة ولمواجهة ظاهرة الأمية التكنولوجية ، علينا أن نبدأ من المدارس والسبل المطلوبة للارتقاء بمنهجية علمية وثقافية ووفق النقاط التي أجدها ملائمة لواقعنا ومنها:
1. تعميم تدريس العلوم لجميع فئات التلاميذ وبتوافق مع أهداف ومتطلبات التنمية لبناء المجتمع الجديد لكل المراحل والذين سيدرّسون مستقبلا مواد العلوم والهندسة بجميع تخصصاتها في المعاهد الفنية والكليات وإعدادهم للاستفادة منهم 00
2. يتم الاهتمام بتدريس العلوم وفق منهج علمي قائم على التعامل اللصيق مع الأجهزة من حيث تفكيكها واعادة تركيبها واجراء التجارب والتفاعل مع خطوات العمل وتقصي الحقائق بدلا من القراءة بكتب المقررات المنهجية الحاوية على المادة وعدة صور وعمل ملصقات يضطر الطالب لحفظها من اجل الامتحانات00
3. الاستفادة القصوى من وسائل الإعلام لنشر مبادئ العلوم وتقديمها بصورة مبسطة واسلوب علمي مشوق ومنهجي تطبيقي يلائم أذواق وعقول اكبر شريحة من الطلاب مع التنسيق بنقل المحاضرات والملتقيات والندوات العلمية وفتح باب النقاش مع عرض لابتكارات المبدعين ونماذجهم واقامة مسابقات في برامج تلفزيونية وإذاعية لتشجيع التفكير والتمحيص واستخراج المعلومات فيما بين الطلاب 00
4. إلحاق مجاميع من الطلبة ضمن المدارس في جماعات علمية وثقافية لتعميق أنشطتهم ومنتجاتهم اليدوية مثل النجارة والحياكة والفنون والنباتات والتحنيط وعمل الخرائط والأجهزة والمجسمات العلمية والتركيز على استعمال الحاسب وتخصيص فترات زمنية أسبوعية ضمن الدراسة.
وأخيرا
أن القضاء على ظاهرة الأمية شرط أساسي لتطور المجتمع نحو المستقبل الذى يمثل العنصر البشرى فيه الركيزة الأساسية لصنع هذا المستقبل ولمواجهة المجتمع الإنساني المعاصر المتسم بالتغير السريع والمذهل فى كافة المجالات والتى تعتمد فى الأساس على القوى البشرية والتى لن تتمكن من إحداث التغيير المستهدف إلا إذا ما تغيرت قدراتها ، ولذلك وجب إعادة تعليم وتحرير الإنسان من الأمية ورفع مستوى الوعي والمعرفة لديه 00
صلاح مصطفى على بيومى
مدير ادارة تنسيق وظائف التعليم الفنى
مديرية التربية والتعليم بشمال سيناء