nsinaiedu

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
nsinaiedu

منتدى العلم والتعلم


    منظومة الإستبداد

    avatar
    صلاح مصطفى على بيومى


    المساهمات : 72
    تاريخ التسجيل : 10/03/2011

    منظومة الإستبداد Empty منظومة الإستبداد

    مُساهمة  صلاح مصطفى على بيومى الجمعة مارس 18, 2011 6:16 pm

    من منا لم يتعرض للاستبداد فى حياته بدأ من داخل الأسرة ( أب مستبد أو زوج مستبد أو زوجه مستبده أو أخ أكبر مستبد أو أم مستبدة) ثم الاستبداد داخل المجتمع (مدرس مستبد أو مدير مستبد أو مسئول مستبد أو رجل دين مستبد) وكان ضحيته ، وكيف كانت آلامه وهو يعانى القهر والإذلال تحت سطوة شخص مستبد ولا يجد مخرجاً أو مهرباً وأصبحت نفسيته مشوهة من كثرة ما تعرض لمطارق الإستبداد الغليظة ، من منا لم يجد نفسه وجهاً لوجه أمام طاغية مستبد يظلم بقدرته , ولا يجد من يقول له توقف عن ذلك , واصبح يعى معنى الاستبداد وقسوته وخطورته ولا يقبله أبداً تحت أى مسمى أو أى لا فته ويدعو ليل نهار بلسانه وقلمه وسلوكه إلى الحرية والعدل والمساواة للجميع دون تفرقة على أساس اللون أو العرق أو الدين أو أى اعتبارات أخرى .
    والاستبداد مرضاً إنسانياً واضطراباً نفسياً لكل من المستبد والمستبد به فهو يشوه الطرفين ويشوه البيئة ويلوثها بكل أنواع الفساد فهو تشويها لفطرة البشر وتلويثاً للبيئة الإنسانية بكل ألوان الانحراف والفساد , فالاستبداد هو مصدر الكثير من المفاسد الفردية والجماعية .
    وقد أصابنا من هذا المرض العضال الكثير ومازال حتى الآن , فعلى الرغم من أن المجتمعات البشرية الحديثة قد انتبهت إلى خطر هذا المرض وكافحت كثيراً حتى وضعت الضمانات والآليات لمنع انتشاره إلا أننا مازلنا نعانى الكثير من أعراض هذا المرض لدرجة أن العالم الخارجى ـ سواء بحسن نية أو بسوء نية ـ قد أصبح يعتبرنا مرضى نحتاج لتأهيل سياسى واجتماعى ونفسى حتى نرتقى إلى مستوى العالم الحر من حيث اعتناق قيم الحرية وحقوق الإنسان ومن حيث تطبيق الديموقراطية كآلية لمنع انتشار فيروس الاستبداد الكامن فينا مرة بعد مرة .
    والإستبداد منظومة متكاملة فهو قائم حتما وتكمن خطورته فى أنه لا يستند إلى قرارات سياسية بقدر ما يستند إلى منظومة تراكمية من القوانين والتشريعات التى تعزز الوضعية الديكتاتورية لصناع القرار فى كل المواقع فوق جثة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترام الرأى والرأى الآخر ووفق قواعد الدولة المدنية ، باختصار إن الباطل والظلم والإجحاف والتسلط واساءة استعمال السلطة وكل القيم السلبية تكون مدعومة بتشريعات ولوائح وتراث فقهى وقانونى لا يساعد على تحريك عجلة الديمقراطية أو الإفراج عن حرية الرأى والتعبير بمعناها الأسمى والأقوم والأعم ، وحينما يكون الاستبداد فى حماية القانون فلا أمل فى التغيير، أو فى رؤية استراتيجية للإصلاح ..
    وأسوأ ما في الاستبداد أن يكون له علماء وفلاسفة ومثقفون، فيتحوّلوا الى أركانه، ودعائم استقراره ومصادر استمراره ولولا هؤلاء لما ترسّخت أسس الإستبداد ولا اصبح شرسا فى الدفاع عن منظومتة وكيانه ، فيتم الإستعانه بالعقلاء فيكونوا له أعواناً ينفعونه بدهائهم لإقناع المستبد به بشرعية هذا الإستبداد والتعسف واساءة استعمال السلطة. وتتسم منظومة الإستبداد بمجموعة من الصفات تنتشر بين عناصرها ( المستبد والمستبد بهم وطبيعة العلاقة بينهما , والبيئة التى يعيشون فيها ) ومن هذه الصفات :
    • التكبر: يشعر المستبد بعلوه على من حوله من البشر وملكيته لهم وبالتالى يطلب منهم الطاعة والانقياد ولا يسمح لهم بمخالفته أو مناقشته ويتقمص صفات القاهر الجبار وهكذا شيئاً فشيئاً تتضخم ذاته خاصة مع خضوع من حوله ..
    • الاستخفاف : وفى داخل نفس المستبد استخفاف واحتقار لمن يستبد بهم ويزيد هذا الشعور بداخله كلما بالغوا هم فى طاعته ونفاقه والتزلف إليه لأنه يعلم بداخله كذبهم وخداعهم ويعلم زيف مشاعرهم ويشك فى ولائهم وإخلاصهم كما أنه من البداية يشك فى قدراتهم وملكاتهم وجدارتهم وبالتالى يصل فى النهاية إلى الشعور بالاستخفاف بهم .
    • الجبروت والعناد : فالمستبد جبار متجبر عنيد وهى صفات متصلة ببعضها لأن جذورها فى النفس واحدة ..
    • الفسق : ومع استمرار السلوك الاستبدادى يتحول الناس إلى كائنات مشوهه وذلك من كثرة الأقنعة التى يلبسونها لإرضاء المستبد فيتفشى فيهم النفاق والخداع والكذب والإلتواء والخوف والجبن وتكون النهاية كائنات مشوهه خارجة عن الإطار السليم للإنسان الذى كرمه الله..
    • الفساد : وحين تجتمع الصفات السلبية للمستبد مع الصفات السليبة للمستبد بهم تكون النتيجة بيئة مليئة بالفساد الذى هو نتيجة طبيعية ومباشرة للاستبداد مهما كانت مبررات الاستبداد ومهما كانت اللافتات التى يتخفى وراءها لأن الاستبداد تشويه للتركيبة النفسية للمستبد وتشويه أيضاً للتركيبة النفسية للمستبد بهم وبالتالى يحدث تشويه للبيئة التى يعيشون فيها , وكأن الاستبداد أحد أهم عوامل التلوث الأخلاقى والبيئى فى الحياة .
    • الضلال : ونظراً لمحدودية رؤية المستبد وتشوه تركيبته النفسية منذ البداية ثم زيادة هذا التشوه نتيجة تضخم ذاته بالمدح والثناء من المستعبدين ورفضه للإسترشاد برؤى الآخرين وإصراره العنيد على تنفيذ أوامره وحده فإن النتيجة هى قرارات خاطئة فى كل المجالات ..
    صلاح مصطفى على بيومى
    مدير اداة تنسيق وظائف التعليم الفنى
    مديرية التربية والتعليم بشمال سيناء

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 1:18 am